
حياتـك النفسيـة
September 3, 2025
نظرات في علم النفس
September 3, 2025الإنسان بين السعادة والمعاناة
27/8/2023
الصحة والسعـادة
حفظ الله مصر وشعبها ورئيسها الرئيس
عبد الفتاح السيسي
التشافي والتعافي
تخيل أنك في قمة نجاحك، وفي انسجام عائلي، وتبين بين صغارك، هانئًا، ومع زوجة محبة جميلة، فجأة ومن دون سابق إنذار، ولا جزم، دخلت عليك فجرًا، مجموعًا من عصابات المافيا، كسروا باب بيتك، دخلوا غرفة بيتك، تكاد زوجتك تستر بشيء يستر جسمها؛ وإذا بنحو خمسة رجال من المجرمين العتاة في غرفة نومك، أمسكوا بزوجتك أمامك، أشاروا إلى خزنتي: افتح الخزنة وإلا فتكنا زوجتك أمامك، كان هذا المشهد مع الأسف أمام الاطفال الصغار، وفتحت الخزنة مع الضرب المؤذي، تم اختيار رب الأسرى إلى مكان مجهول نحو سنة.
تتوافر في هذه الصدمة الشروط الأربعة التي ذكرها علماء النفس، لكي يسبب اضطرابًا عصيبًا لدى العناصر الثلاثة: الأب، والزوجة، والأولاد، وتلك الشروط الأربعة هي: أنها مفاجئة، وضخمة، وعازلة، وتشعر الضحية بأنها ليس لها حلاً.
وهذه الصدمة لها انعكاس مكتسب، بل انعكاسات شرطية مكتسبة على مستوى اللاوعي – وفق نظرية بافلوف- وأهم هذه الانعكاسات:
- عدم ادخار البيت المال في البيت، فكلما ادخرت مالاً في البيت سوف يتعاظم الخوف من السطو عليه مرة أخرى.
- قد كانت بناتي حريصة على الادخار قبل هذه الهجمة وانتفى هذا الدافع بعدها.
- عدم الرغبة في المكوث في هذا البيت، الذي حدثت فيه هذه الجريمة، وشعور بالاختناق، والتوتر.
- إذا شاهدت ابنتي أحد هؤلاء العناصر، أو من يشبههم، تشعر بتوتر وقلق، ويتلون وجهها.
إن النفس البشرية عظيمة إلى درجة أنها تستطيع أن تتعافى من أي صدمة، ومهما يكن من شيء، فمهما بلغت درجة تعذيب الإنسان، فإنه يستطيع في النهاية العودة إلى حالة من التوازن مع البيئة.
مهما كانت التشوهات النفسية، يمكن أن تستحضر في مقدمة رأسك، صورتك الذهنية الشافية، وهل ثمة جرح لا يندمل، إن عملية التركيز الذاتية على التشافي دون الجرح، تجعلنا نكون على الصورة التي جذبناها إلينا؛ فالظروف التي تحدث للإنسان، إنما تعبر عنه في كل مرحلة.
إن مجموعة من العادات الإيجابية الماحية للصدمة، وبرمجة النفس على بعض الأفكار الشافية، واستحضار المشاعر الجديدة البديلة، ستكون كفيلة بمحو أثار الصدمات المؤلمة.
حظر نفسك نحو هذه الثلاثية، واكتشف رسالتك في الحياة، واسع إلى تحقيق أهداف نبيلة، وأقم علاقات أسرية قوية، تعلم الكلمة الطيبة، قلل مخاوفك ببناء ذاتك.
لعلك رأيت من تعرضوا لأزمات أضخم منك، وتعافوا منها، فإذا استطاع إنسان فعل شيء، فبوسع أي إنسان أن يتعلم فعله. ولقد تعافوا كلهم من تلك الأزمات، أولئك الذين توجهوا نحو إمكاناتهم، وليس مخاوفهم، فهؤلاء الذين تعافوا، أما الذين انهزموا غارقين في بحر الظلم النفسي هم الذين ركزوا على مخاوفهم دون إمكاناتهم.
هؤلاء تغلبوا على أصواتهم الداخلية، فتحولت من أحاسيس سلبية، إلى أحلام ملهمة، تدور في أنفسهم موسيقى حماسية على مدار الوقت جعلت اللغة الإيجابية هي حديثهم.
إن التركيز الحالم والمستمر على ما نريد، لا على ما نخاف هو سر التعافي والنجاح.
بينما من وقع في شرك التوافه والسفاسف، واستغرق في تعميق الأمة، هؤلاء فقدوا مسارًا عظيمًا كانوا عليه في أول المعاناة.
شخصية عظيم التركيز على الإمكانات
غير عظيم التركيز على الخوف
1- البطولة [والعظمة]:
يمكنك من خلال القصص الملهمة أن تشكل قوة البطولة بين جنبيك، قد يقضي الإنسان عشرينات عمره وثلاثينياته، كمن يجمع الحطب (في الصحراء) ويحرز إنجازاته في جمع الحطب، حتى إذا لدغته حية، وأصابته بسمها، ونجى من الموت، هنالك تعلم كيف يجمع الحطب بطريقة لا تؤذيه، وأصبح رجلاً كاملاً ناضجًا ومنفتحًا إنه جرح، سمح لروحه أن ترتقي وتصبح روح فارس لا روح حاطب، إنه الآن يطارد الحيات وليست هي من تطارده.
أيًا ما كان، ومهما يكن من شيء، أي شيء أكبر بطولة من أن تتحلى دائمًا بحريقة العقل. كل المراحل الانتقالية في حياتنا، تعطينا قوة المرحلة التي تليها، فإذا ما عرفنا نمط كل مرحلة، سنتقبل الأوقات العصيبة، ونجعل منها زادًا للتي تليها.
إن القائد هو من يصنع من “النجاح” شركة أو مؤسسة أو منظومة، بينما البطل هو من يصنع ذلك من “المعاناة”، إن البطل هو من يخلق شيئًا جديدًا من رحم الأزمة، إن البطل هو من يركز على معرفة الذات وليس تعظيم الأنا كمعظم القادة، الأبطال يعيشون وفق لقيمهم، بينما القادرة العاديين قد يعيشوا وفقًا لقيم الآخرين.
“تحدث وامش وفكر كما لو كنت بطلاً”.
2- السيادة:
أن تكون سيد قرارك، وسيد مصيرك، والمتحكم الأول في عقلك وانفعالاتك، هنالك تكون السيدة، وأنني شعرت هذه الصفة – وإن سُلبت حريتي الجسدية – ومهما كنت في زنزانة داخل زنزانة، فإنني حينما حققت ذاتي، وكنت قيمًا على إرادتي، وعقلي ومشاعري، وتوحدت شعوريًا مع الكون، وصرت أصبح فيه في كل ليلة، أصبحت أمتع بكامل السيادة.
لقد تأملت سعة الكون من زنزانتي الضيقة، تأملت جمال الكون، وعرفت ذاتي، وحذفت من خيالي كل صورة محبطة.
إن من سيد قراره حقًا، هو ذلك الذي حقق السيطرة على انفعالاته. ويمكننا من خلال ضبط انفعالاتنا تحسين حياتنا تحسينًا هائلاً، ثم إن الانفعالات عادات يمكن إبدالها بعادات أفضل، ولك أن تعلم أن الشخص الذي لا يحكم انفعالاته يتسم بالطيش والسفه، وقد لا يقبل الناس له شهادة أو شفاعة، وذلك ببساطة انفلتت منه مروءته مع انفلات انفعالاته.
إن الأشخاص المتحكمون في أنفسهم، والذين لا يتركون أنفسهم كالريشة في مهب الريح، يجنون ثمارًا مدهشة حينما يحتوي الغضب مثلما تتحول الحرارة المضغوطة إلى طاقة، يمكن إذا تحكمنا فيها أن نغير العالم.
3- تحويل الألم إلى طاقة شافية:
أفضل ما يمكن فعله حينما تظهر مشاعر رثاء الزاد وغيرها من الانفعالات المحزنة، كالغضب والعصبية، هو تحويل هذه الانفعالات إلى عمل إيجابي، وأقرب مثل في هذا حينما يقولون: “رد عليهم بنجاحك” وهو ما يعبر عنه بعض علماء النفس “إخراج الغضب” أو “التعبير عن الغضب” فمن الناس من يعبر عن الغضب بسلوك عدواني، ومنهم من يعبر عنه بسلوك إبداعي.
إن كظم الغيظ ليس معناه كتمه، بحيث يحدث تآكلاً نفسيًا لدى من يشعر بالغضب مما يؤدي إلى الاكتئاب والتبلد، ولكن الكظم الذي نريده، هو كتم الانفعال وتحويله مباشرة إلى عمل إبداعي. فقبل عملته تحويل الانفعال، لابد أن تكون مرحلة الكظم حتى لا يحدث أي رد فعل عدواني للغضب.
ومثاله من آذاك أو سبك، فإنك بحاجة أولاً إلى كظم الانفعال، فتسيطر عليه جيدًا ثم تبدأ في عملية تحويله إلى عمل إبداعي شافي، تذكر أن عدم السيطرة على الانفعالات من دلائل نقص تقدير الذات.
يمكننا تحويل الانفعالات إلى أساليب فنية كالرسم والنحت، بحيث تتحول الانفعالات إلى رموز وتعبيرات فنية، فنقل التجربة المؤلمة من الذات الداخلية للإنسان ووضعها في صورة فنية ملموسة، من شأنه إبعاد الفرد عن التجربة المؤلمة، وتحويل المعاناة إلى معنى، بل إن هذه العملية هي جوهر عملية التحرر من الصدمة، حيث تخرج الصدمة من الذات إلى خارج الذات.
4- تجاوز الصراعات الصغيرة (التوافه):
من علامات التشافي وأن ثمة معنى لحياتك تدركه، وهدف أعظم في وجدانك.. ألا تيأس بسبب السفاسف، وألا تبالي بالصراعات الصغيرة، لقد ألهمتني معاناتي ألا أبالي بالتوافه، فالسجن من مميزاته أنه يخلق مشاعر التبلد واللامبالاة نحو كثير من الأحداث، وخاصة الخارجية، فلم يعد ثمة أدنى اهتمام بأخبار العالم، وكنت بالكاد لا أريد التواصل مع أي أحد سوى زوجتي وبناتي.
إن تبديد الطاقة في توافه الأمور، يفقد الإنسان روعة الحياة وجمالها، الانشغال بالتوافه يجعلك تعيش حالة طوارئ. انظر إلى ما تخوضه من صراعات تافهة، ثم توقف عن التفاعل معها، ستجد حياتك تتعافى.
وإذا تساءل المرء هل هذا الشيء تافه أو مهم، أي ما هو مقياس الأمور التافهة حتى لا أنشغل بها؟ والجواب، أن كل الأمور التي تنتقص من ثقتك بذاتك إنما هي في جملة السفاسف.
إن الهادئين الذين تجاوزوا سفاسف الأمور، تراهم – وهم مسترخين – يقدموا إنجازات مرتفعة، عبث اللحظة، ولا تتعجل شيئًا هو آت، وتخيل نفسك تعيش في عالم من الأطفال لا تبالي بسخافتهم.
وإذا احترت بين الفعل أو الترك في أمر أشكل عليك: أهو مهم أو غير مهم؟ تخيل نفسك تسير في جنازتك، هل هذا الأمر مهم أن يلحق بصحيفة أعمالي أم غير مهم.
5- العلاج بالعطاء:
هناك قوة كونية في العطاء، ولها شقان: الأول: أن العطاء يصنع التدفق، فيدور المال فيحقق الوفرة على المعطي، والثاني: أن العطاء يحقق التشافي، كمن تبرع بشيء من دمه، فيتعافى الجسد، أو ذلك الملقب الشهير، الذي يدعى “جورج هاندل” الذي أبدع رائعته الشهيرة “الحمد لله”، على أثر أزمته، فكانت شفاءٌ له، فقد لحنها شاعر مغمور دون أجر، فكان العطاء شافيًا، وقد آثر عن النبي محمد “داووا مرضاكم بالصدقة”، إن صنائع المعروف تقي الإنسان من الآفات المهلكة.
ويمكن تفعيل قانون العطاء، بأبسط الأشياء اليسيرة، يأتي المال في مقدمتها، كذا زهرة أو مجاملة أو دعاء أو ثناء أو إماطة أذى عن الطريق.
إن العطاء يحقق التدفق، فيجعل من الآسن عذبًا، وبدلاً من حياة التعطل، فإن العطاء يجعلنا في الطريق المؤدي إلى مغزى الحياة، وسعادة أعظم وحياة وافرة بالصحة.
6- العلاج بالإيمان:
الطبيب يداوي والله يشفي، الجراح يشق بالمشرط، ويد الله غير المنظورة تلئم الجرح، يد الله متداخلة في كل شؤون الحياة، ترسل التشافي للقلوب المكلومة كالريح المرملة.
إن الممارسات الروحية أيما كانت إذا مارستها بنية التشافي فهي تحقق مرادها، إن التأمل العميق المخلص يعمل كوسيلة في مداواة الروح والجسم.
وبالقدر الذي يحتاج فيه إلى علاجات طبية حديثة، فنحن بحاجة إلى نمط جديد في الفكر، فكثير من الناس ليسوا مرضى بأجسامهم بقدر ما هم مرضى بأفكارهم ومشاعرهم السامة، فحياتهم مليئة بأفكار الخوف والقلق، والشعور بالنقص والحقد.
إن كثير من مشاعر الغضب والحقد والشعور بالذنب له دخل كبير، بكثير من الأمراض الجسدية. وقد حدثني الدكتور خالد الدملاوي – أستاذ المخ والأعصاب – حينما كنت أحضر مع فعاليات جمعية الميتاهيلث: أن لكل مرض عضوي سبب نفسي، فمرض السكر مثلاً سببه صدمة ممزوجة بالقلق والغم، وسرطان الدم له سبب نفسي، أن صاحبه تعرض لصدمة إهانة شديدة، وتليف الكبد له سبب نفسي أن صاحبه تعرض لصدمة فقد، فالكبد يتألم حينما نفقد أشخاص أعزاء.
وقد أكد لي أستاذي “ترون أنجر” هذه المعاني، مع الأخذ في الاعتبار الأسباب العضوية، فمريض السكر، أصيب بمرض السكر بسبب الصدمة بالإضافة إلى السبب العضوي وهو فرط الطعام مثلاً، وهكذا في كل داء، له سبب نفس وسبب عضوي.
قلت له مجادلاً ماذا عن الجنين، الذي يُولد بسرطان الدم، فقال: إن الصدمة غالبًا تلقتها الأم وهي حامل فحينما تعرضت الأم لصدمة إهانة أصيب جنينها.
إن الوصفة السحرية التي أذكرها في هذا الفصل أنني أتخيل يد الله الشافية تمسح على صدري وذلك بعد دخولي في تأمل عميق واسترخاء لكامل الجسد والعقل، إنني أسلم نفسي تسليمًا كاملاً لله، بينما أضع أجزائي وجراحاتي في مجرى تمر به القوة الإلهية فتمحوها.
من السهل أن نستسلم للمرض، بيد أن الكون مليء بالأدوية وبل ثمة طاقة شافية عجيبة تملأ الكون كالهواء، بل أوجد لكل داء دواء، فكما أوجد النهار والليل، وجعل الإيمان وسيلة اتصال سهلة لوصول المصاب إلى دوائه.
7- الإبداع يشفيني:
فكانت لحظة الإبداع في السجن شفاء فلحظات الانهماك في اكتشاف إبداعي إبداعي لشيء عظيم، وهي اللحظات الدقيقة التي يشعر بها الرياضيون عند دخول منطقة إحراز الهدف، أو اللحظات التي يصل فيها المتأمل إلى التوحد مع الكون، أو لحظات النشوة التي يشعر بها الفنان وقد بدأت ملامح لوحته تظهر إن هذه اللحظات إنما هي لحظات شيماء، حيث يتوقف الزمن أو يمر كلمح البصر بدرجة ينعدم فيها المكان ولو كان سجنًا.
عندما يتوافق الإنسان مع ذاته العليا، ويوقن هدف حياته، ويبدع من أجله (أجله9، فإن هذه الإبداعات سوف تكون شافية وأقرب إلى المعجزات، ولكي تكون مبدعًا من رحم المعاناة:
أولاً: يجب أن نكون مستنيرين أثناء المعاناة فنعلم جيدًا أن لمعاناتنا معنى.
ثانيًا: استخلاص المعاني الإبداعية من المعاناة، بحيث تصل إلى فكرة جديدة أو ابتكار أو فن من الفنون.
ثالثًا: التوقف تمامًا عن إصدار الأحكام على الأشخاص أو الأشياء بحيث تحول هذه السحنة نحو الإبداع الصافي.
رابعًا: استمطار الأفكار الملهمة، وتنمية الحدس، من خلال التأمل، بحيث تتخيل سقف الكون، وتسترق السمع بروحك، تلتقط فكرة كونية جديدة وليكن هدفك إيجاد عمل من العدم أو إنجاز عمل عظيم.
خامسًا: عملية سحب الطاقة الجنسية وهو ما يسمه فرويد بالإعلاء، بحيث نحول هذه الدوافع الجنسية إلى أنشطة غير جنسية كالفنون والآداب، وهو تجريد الدافع الجنسي من طاقته الجنسية.
8- الأحزان ممرضة:
رأيت بعض المساجين يقضون وقتًا طويلاً مستغرقين وقتًا طويلاً فثي أحزانهم، فكانت سلوكياتهم تتسم بالعدوانية والحقد والحسد، فكان الحزن مؤججًا للسجن، ومسببًا ضعف المناعة والمرض، فكان المنطوي الحزين سريع المرض والانهيار، أكثر من المنبسط المبتهج.
والأحزان تجر من ورائها حياة بائسة، كما يجر الحصان العربة، وكلاهما متتابعان ومتواليان، ويكون التخلص من الأحزان من خلال الوصفة التالية:
أولاً: عيش اللحظة، وإدراك الواقع جيدًا، ومنع التفكير في مآسي الماضي أو مخاوف المستقبل، أو قلق الحاضر.
ثانيًا: التوجه العقلي السليم نحو كل ما هو إيجابي.
ثالثًا: التحدث الإيجابي والتوكيدات والتصريحات الإيجابية صباح مساء.
رابعًا: السلوك المنضبط، والانضباط الأخلاقي، واحترام حريات الآخرين.
خامسًا: الحياة الشريفة، والكسب النظيف، وجمع المال بطريقة ليس فيها عدوان على حقوق الآخرين.
سادسًا: بذل جهد إضافي في عمل مبدع يمحو الأحزان.
9- الحب والتشافي الذاتي:
الذين عاشوا قصة حب أثناء المعاناة، تعافوا عن أولادك الذين ليس في حياتهم حب. وقد حدثني صديقي المعالج النفسي محمد عيسى، أن الذين تعافوا من السرطان بالعلاج التأملي كانوا يعيشون قصة حب. فالمصاب بالسرطان، حينما يجد من يحبه يتعافى إلى حد كبير.
وأقوى أنواع الحب هو الحب الرومانسي، وهو كما يصنع الأبطال فهو يحقق الشفاء.
وعناصر الحب الرومانسي:
أولاً: الارتباط أن تكون برفقة المحبوب.
ثانيًا: الاهتمام المتبادل.
ثالثًا: الألفة والمودة: مشاعر التراحم والرغبة والوداد.
10- اليقظة:
هي حالة إدراك الأشياء والأحداث بصورة أكثر تركيزًا، وهي حالة وعي اللحظة بما فيها من أحداث وأشياء.
هل سبق لك أكثر من مرة أن سألت من جوارك: ما هو اليوم في أيام الله؟ أو تسأل شخصًا عن اسمه مرتين في ذات المحادثة؟ إن هذه الأخطاء البسيطة ليست إلا صور من صور عدم اليقظة.
وفي لحظات اليقظة يكون الإنسان أكثر إفادة لحياته، وإن كانت ثمة فائدة من فوائد المعاناة فهي تجبر الإنسان وتدفعه نحو هذا المستوى العقلي المفيد.
أما حالة اليقظة تجعلنا: مبدعين، ومنفتحين ومنتبهين.
- إبداع خلاق كما رأيت يولد من رحم المعاناة.
- انفتاح على المعارف والمعلومات.
- الانتباه للسلوكيات التي تدور حولنا.
- إثراء الحد من الداخلي، والقدرات التوقعية.
اليقظة تجعل حياتنا أكثر كفاءة، وتجعلنا نفهم الأحداث، وتقوية ملكة الحدس، إنها تجعل الرؤية أوضح حينما يتعكر الجو بالغبار واليقظة هي الثمن الذي يجب أن يدفعه الإنسان من أجل الحفاظ على عقل إيجابي واعٍ.
11- منظم السعادة:
بعض السجناء كانوا سعداء في حياتهم قبل السجن، فلما تعرضوا لحادث السجن، وكما يتعرض الإنسان لحادث طريق، وتنقلب حياته رأسًا على عقب، لاحظت أنه بمرور عدة أشهر في السجن، يكونون سعداء تمامًا كما كانوا قبل السجن، أو الإصابة، والسبب في ذلك أن النفس البشرية، لديها آلية دفاعية تشبه المنظم، بحيث يصل إلى منسوب السعادة الذي كانت عليه قبل حدوث الصدمة.
وباتت أشياء بسيطة تسعدنا سعادة غامرة، في السجن والتي منها:
- حمام دافئ أو بارد.
- الزيارة الشهرية للأسرة.
- إيواء المساجين الجدد – الواردين للسجن – حيث يأتي السجين الجديد فزعًا جائعًا لا يملك غير ثوبه، فثمة لذة وسعادة حينما نقدم لهم الطعام والملبس.
- النوم الهادئ – القهوة – الأكل في جماعة – القراءة – الشطرنج – القهوة – التريض – مطالعة الصحف والجرائد – التعلم من الكفاءات داخل السجن – فالسجن مليء برجال الأعمال والأطباء والعلماء – التندر على الفكاهة البسيطة – التعبد – الحديث الودود – شخص يحبك – نظام الخدمة داخل الزنزانة – وصول خطاب من الأهل – تعلم اللغة – قزقزة اللب والتسالي – كتابة القصص.
النجـاح السعيد
بين النجاح والفضل
هل يأتي النجاح من الفشل؟
نعم، يولد النجاح من رحم الفشل، والمعاناة حينما تمر بالإنسان الناجح تزيد من نجاحه، تمامًا كما تزيد الفاشلين فشلاً، فالاستعداد النفسي لكل منهما حدد طريقة كل إنسان في التفوق أو النقص.
فالسجن مثلاً لم يمنع مانديلا أن يكون رئيسًا، ولم يمنع فيكتور فرانكل أعظم علماء النفس، ومن قبل لم يمنح يوصف من خزائن الأرض.
وغالب هؤلاء الناجحين قد تعرضوا لصدمة “تفوق” وهي تقابل صدمة “النقص”.
وعقدة النقص وعقدة التفوق وجهان لعملة واحدة “إثبات الذات”.
وقصة عقدة التفوق تقول، أن بعض الناس اتهموني بالفشل، وسببوا لي توترًا نفسيًا حيث كان أحد المعلمين الحكوميين في المدرسة، يتعمد إخراجي أمام الفصل الدراسي، أمام زملائي التلاميذ ويتعمد إهانتي ووصمي بالفشل، بعد عرض مسألة تعجيزية، وكان دافعه في هذه الإهانة أنه كان في تنافس شخصي مع عمي الذي يعمل في نفس تخصصه.
هنا تكونت عقدة النجاح، فتتولد بداخلي، رغبة شديدة ملحة لإثبات خلاف ما يزعمه هذا المعلم، إن جهودي وتخطيطاتي سوف تثبت خلاف ما يظنون.
وهكذا ترى أمثال هذه الصدمات في حياة الناجحين كتوماس أديسون الذي جرحه أن يطردوه من المدرسة لفشله الدراسي بزعمهم.
إن كامل الشناوي أبدع في قصيدته “لا تكذبي” والتي كانت ناجمة عن تجربة حب فاشلة.
نأتي إلى نقطة مهمة، ماذا عن رائد الأعمال الذي بنى نفسه من الصفر، حتى إذا نجح، وأصبح ملأ السمع والبصر، فينال منه خصومه، فيسببون له بلاءً غير قاسم، أي دون الموت، كالسجن أو الأسر أو الإصابة.
إن معاناتي رأيتها متجسدة في هذا المثال، ومع ذلك فإن نجاحاتي قد تضاعفت، ففي أثناء سجني تضاعفت شركتي، وزادت فروعها بنسبة 30%، ولم أفقد من الموظفين أكثر من 2% “إن المعاناة أعطتني مستوى إضافي للنجاح”.
وتعلمتُ من السجن، أن أوسع مفهومي عن النجاح، ليشمل النجاح الروحي والنفسي، قبل النجاح المالي والمهني، وليشمل آفاق أخرى، ومستويات أعلى في معرفة الذات، وتكوين عقل جمعي يعمل من أجلي، ومن أجل هدف عظيم، لقد لامست كل مقومات النجاح، وأنها بداخلي، وآمنت إيمانًا لا شك فيه: أنني ولدت لأفوز.
تعلمت أن السجن هو مثير الطاقات الكامنة، ألا ترى أن “والتر رالي” ألف كتابه في التاريخ في السجن، وقام “لوثر” بترجمة الكتاب المقدس في السجن، ونيلسون مانديلا، وفيكتور فرانكل.
تعلمتُ من السجن أن نقطة التحول في حياة الناجحين تأتي، في لحظات الأزمة، حينما يتعرفون على ذواتهم الحقيقية.
2- النزاهة (الأمانة / الانضباط):
حينما نجحت في تحويل المعاناة إلى مستوى إضافي لنجاحي المهني، فإنني أضيف إلى ذلك نجاحات أخرى، نجاح عاطفي فعلاقتي بزوجتي صارت أفضل، ونجاح روحي وهو ما لا يحتاج إلى شرح بالسجون.
إذا نجحنا فثي استثمار المعاناة، لتكون سببًا لنجاحنا، فنحن في طريقنا للنجاح ماذا عساك أن تختاره ليكون شريكًا لك في النجاح؟ وما هي صفة هؤلاء الناس الذين تنجح بهم؟
لا شك إنهم أهل النزاهة وبغض النظر عن نوع العمل الذي ستنجح فيه، إذا أحطت نفسك بهؤلاء القوم، وكنت قدوة لهم في النزاهة والأمانة، فإن نجاحك سيقوم على أرض صلبة.
إن العبارة التي يكتبها التجار في دكاكينهم هي خلاصة الأمر: الأمانة سر النجاح.
الأمانة سر النجاح
ومن دلائل نبلك ونزاهتك الابتعاد عن أي سلوك إدماني أو أي فعل قهري: كالخمر، والجنس المحرم، والتدخين، والإغراق في الإباحية ووسائل التواصل الاجتماعي، وهي عادات سيئة تستنزف الصحة والمال والوقت.
وأقبح من ذلك أنها تحول طاقة الإنسان ورغبته المتقدة من هدف نبيل إلى سلوك دنيء.
إذا لم تتحل بالقدرة على التحكم في ذاتك فلن تتمكن من التحكم في الآخرين، وإن كثيرًا من الناس يحققون الثروة، وسريعًا ما يفقدوها، لأنها قامت على أساس غير نزيه، وإنما انتزعوها، فانتُزعت منهم.
3- الحماسة:
وحينما ظهرت بذرة النجاح من رحم المعاناة، ونبتت في أرض خصبة من النزاهة والأمانة، فلابد لها من عوامل مساعدة كالحماسة.
إن كل إنسان ناجح يعرف جيدًا كيف يبيع خدمته أو سلعته بحماسة، لا يمكن للناس أن يقتنعوا بما تقدمه لهم إلا إذا اقتنعت به أولاً ثم قدمته بحماسة، ليس هذا فحسب بل تقدمه بحب.
حينما كنت أبيع بعض الخدمات عبر الهاتف،÷ فهمت المبدأ أن الفعل يخلق المشاعر، وإنني يجب أن أكون منبهرًا بما أبيع، وأيقنت أن عملائي لا يشترون شيئًا لستُ متحمسًا له.
والبيع يكون أسهل ما يكون حينما تكون متحمسًا لما تبيع، ويكون في غاية المشقة حينما تفقد الحماسة لما تبيع.
4- هدف واضح ومحدد:
إن وضوح الهدف، يوفر كمًا هائلاً من الطاقة والجهد، ويقينا التشتت، ويوفر كثيرًا من الوقت والمال. ومن الواضح أن هؤلاء الناس الذين انحرفوا عن أهدافهم هم الذين استسلموا للانهيارات النفسية، إن الأرواح المثابرة دائمًا تعرف هدفها. والشخص ذو الهدف كالمعدن الممغنط، يجذب إليه هدفه، بينما الآخر، لا يجذب إليه شيء، بل هو المنجذب وراء كل ناعق. والشخص ذو الهدف، مشحون طاقة عزم، ورغبة متقدة، إذا ما حقق هدفًا تاق للذي بعده، لدخوله في دائرة من التعزيز الجملة. وبسبب قوة الرفع في هذه الدائرة صارت نجاحته تلقائية.
والشخص ذو الهدف الواضح، يعرف جيدًا كيف يستخدم خبراته، وما لديه من إمكانات – وإن كانت مجدود – ضع لحياتك هدفًا نبيلاً؛ يجعل لحياتك معنى، ثم استثمر كل جهودك وأوقاتك وأموالك لتحقيقه.
ألم تر أن الناجحين يقدمون للناس، ما يعتقدون أنه مفيد ومثمر، بينما الفاشلون لا يأتون بشيء سوى السخرية أو الحقد من الناجحين.
وكلما كان الهدف ضروريًا وملحًا كان أقرب للتحقيق، إن أهدافهم مرسومة في عقلهم اللاوعي، فهي تمدهم بالطاقة وتلهمهم الصواب.
والأهداف المكتوبة أوقع 1000 مرة من الأهداف غير المكتوبة فعملية التدوين تلك تساعد على احتمالية تحقيق الهدف. والهدف يجب أن يكون له معنى، أي رسالة في الحياة، فمثلاً “الهدف المالي”: تحقيق صافي أصول مليار دولار للتبرع بمئة مليون دولار لدعم الصحة، فهكذا كتبت الهدف والغاية منه. فهذا جعل للهدف روح ومعنى، وجعل الكون مسخر لك لتحقيق هدفك.
5- اليقين:
كل عظيم بدأ بفكرة، ولكن اليقين هو من يجعل هذه الفكرة واقعًا حيًا، وإن يقينك بالقدرة على القيام بأمر ما هو السبيل لتحقيق هذا الأمر بنجاح” [وليم جيمس]
إن يقينك هو ما يجعل الصورة المتخيلة في عقلك حقيقة ماثلة، إن قوة اليقين هي التي جعلت المطمور العقاري الناجح يحول الماكت النموذجي للمشروع إلى واقع حقيقي تعيش فيه.
وحينما تكون موقنًا بفكرتك، ثق تمامًا فيما تفعل، وتجاهل من يسخرون من فكرتك أو من يعتقدون بعدم نجاحك، الذين يأمنون بفكرتك هم شركاؤك في النتائج.
إذا آمنت أنك تستطيع، فسوف تفعل، وإذا آمنت أنك لا تستطيع فلن تفعل.
6- الشجاعـة:
والنجاح يتطلب الشجاعة والشخصية البارزة، وهي ما يعرف بالمخاطرة المحسوبة، فالشجاعة مخاطرة محسوبة، بينما التهور مخاطرة غير محسوبة.
يمكننا دعم هذه الخصلة وتسجيل مغامرات يومية في النجاح، والوقوف على دروسها، والاستفادة من خبراتها ومهما يكن من شيء، شئنا أم أبينا، فإن كل المكاسب البشرية هي نتاج المجازفات.
وحينما نوجه شجاعتنا للانتصار على شخص، فتلك ليست شجاعة، بل هي صراع شخصي، والأفضل أن ترد على من ظلمك بأن تواجه الحياة، وتنتصر لإثبات جدارتك، ألا ترى النبي يوسف، حينما ظلمه إخوته لم يحرص أن ينتصر عليهم انتصارًا شخصيًا، بل جعل شجاعته على الحياة، فكان تمكنه من خزائن الدولة، انتصارًا على كل مؤذٍ، ولم يقتصر على هكذا نصر، بل جاءوا إليه يطلبون الصدقة، وأن يأخذ أحدهم عبدًا له.
لا تركز على من ظلمك، بل اجعل شجاعتك على الحياة، وركز على نجاحك، إن الثروة تنحاز للشجعان، إن الحياة تحترم هؤلاء وتمهد لهم الطريق، حيث يعرفون ما يريدون ويسعون بشجاعة لتحقيق أهدافهم المحددة.
7- التركيز:
“أومن بأن الطريق الحقيقي للنجاح البارز في أي مجال هو أن تجعل من نفسك سيد هذا المجال، ولا أؤمن أبدًا بسياسة بعثرة موارد الإنسان، ومن خلال تجربتي الخاصة نادرًا – إذا كان ذلك حدث من الأساس – ما قابلت إنسانًا ذا اهتمامات متعددة استطاع تحقيق نجاح كبير في مجال صناعة المال” [أندرو كارتيجي].
والتركيز يكون في مجال العمل أو التخصيص، أما المحفظة الاستثمارية فيجب توزيعها قدر الإمكان على الأصول الخمسة (العقارات – الذهب – الأسهم -= السندات – الملكية الفكرية).
فالتركيز إنما يكون في العمل، أما الاستثمارات، فيجب توزيع المخاطر. التركيز في العمل والادخار، والبحث العلمي ومعناه سقوط قطرة الماء باستمرار على الصخرة ينقيها، ألا ترى الفكر بالتركيز يقطع الكابل، بينما توزيع الجهود على أكثر من كابل لا يقطعها.
والتركيز كالفلاح يحافظ على مزرعته وأرضه خصبة خالية من الحشائش الضارة، والآفات المؤذية، ومن ثم قدر عليه خيرًا وفيرًا.
8- فهم قوانين المال (الاقتصاد/ الادخار):
إن من ضمن أسباب نجاحي، أنني أشارك هذا النجاح مع أناس ساهموا فيه بالإضافة إلى فهم دقيق للقوانين التي تحكم التعامل مع المال، لقد تأثرت كثيرًا بقصص أنني رجل في بابل “لجورج كالاسون” واستلهمت هذه القوانين منه ومن غيره، وخلاصتها:
القانون الأول: يأتي المال بسهولة لمن يدخرون ما لا يقل عن 10% من إيراداتهم، وهذه المبالغ يتم ادخارها بانتظام، ويتم توجيهها للقانون التالي.
القانون الثاني: يتضاعف المال في يد من يستثمرونه في استثمارات مضمونة (العقارات – الذهب – الأسهم – السندات – الملكية الفكرية).
القانون الثالث: يبقى المال في حوزتك طالما تخدمه العقول الحكيمة والنفوس الأمينة، من رجال حكماء، لا يشك أحد في نزاهتهم.
القانون الرابع: يضيع المال حينما تستثمره في أشياء لا تعرفها، فالتركيز أساس العمل، وقيمة المرء بما يحسن، ولا تعهد بمالك لأحد يستثمره لقاء نسبة أرباح طالما هو من المجربين وطالما أنه ليس من مجال اهتمامك، فلا تجعل مالك حقل تجارب للحالمين أو المحتالين.
القانون الخامس: يضيع المال إذا أجبرته على جني إيرادات مبالغ فيها، فكلما زاد الربح المتوقع زادت المخاطرة، والربح المضمون القليل أفضل حينما ستمر. فالمال يشبه الجنود إذا أخبرتهم على أعمال قتالية فوق طاقتهم فسوف يهلكون، بينما إذا حددت لهم هدفًا ممكنًا فسوف ينجحون، فالمال خادم مخلص يحب أن ترفق به.
القانون السادس: يزداد المال بالعطاء، فإذا أنفقنا من هذا المال، سهمًا للعطاء، من أجل حمايتك وحماية أصولك، فإن هذه الثورة ستبقى مزدهرة لأنها خاضعة لقانون العطاء.
القانون السابع: يزداد المال، إذا أنفقت منه على المعرفة المتخصصة، تخيل أنك أنفقت من أرباحك نسبة لإنقال معرفتك بمجال عملك، فإن هذه الثروة ستنمو بسبب الفائدة المتراكمة.
القانون الثامن: المال يزول إذا جُمع على أساس غير عادل، كأن يتم جمعه غصبًا أو سرقة أو احتيال أو ببيع شيء مؤذٍ، وهذا ووفق قانون كولن هو الدراما، كل إنسان يأخذ شيئًا ليس له، فلاد أن تسلب منه، وكل إنسان يمنح الكون شيئًا فسوف يزيد في يده.
القانون التاسع: الكد والاقتصاد يصنعان التفرد كما يحققان التدفق النقدي.
القانون العاشر: يزيد المال في حوزة من يشترون الأصول ويقللون من الالتزامات والكماليات.
9- التعلم من التجارب:
(المحاسبة الذاتية/ المراجعة/ التقييم الذاتي) وهي المحاسبة الذاتية، والمراجعة والتقييم الذاتي، والتغذية المرتدة، وهو سلوك إنساني يهدف إلى تحسين الأداء، وتلافي الأخطاء، والتركيز على الإيجابيات ونقاط القوة.
والأشخاص الناجحون يعتمدون على الحقائق، وينهمكون في تقييم أنفسهم باستمرار وعلى إثر هذا التقييم المستمر للنفس، فإن الإنسان يعرف مواطن قوته، وربما يكتشف أن ما يبحث عنه تحت قدميه.
كما أن التعلم يجعلنا نتلافى مواطن الفشل، والحكيم لا يلدغ من جحر مرتين، كما أن المشاكل القديمة التي مرت بنا، لا يمكن حلها بنفس طريقة التفكير القديمة، والتي خلقت تلك المشاكل.
والتعلم من التجارب يجعلنا نطور تفكيرنا، ونتخيل دومًا ما ينفع الناس من سلعة أو خدمة فنقدمها لهم، بسعر زهيد وبسهولة.
إن مراجعة تجارب الماضي تجعلنا نعرف الأخطاء التي صنعت الفشل، وتجعلنا نميز بين الحقيقة والرأي والإشاعات وعلمني السجن أن أدرك أن أفضل طريقة للاستفادة من تجارب الماضي؛ أن أضحك من حماقتي!
كن مستعدًا للفشل على الملأ، بمعنى تقبل، الهزيمة، وإن كانت أمام العالم كله، إن الاعتراف بالخطأ، ليس فقط فضيلة، بل يجعلك نتخطى عقبة تمنع أغلب الناس من النجاح.
10- قوة العقل الباطن:
العقل الباطن أو اللاوعي، هي الأشياء التي نقربها ولا ندركها، وهي تمثل وتشكل شخصيتنا ولا ندركها، والعقل الباطن يوجد خلف العقل الواعي مباشرة، وهو أضخم بكثير من الواعي، فننميه ما لا نعيه في عقولنا إلى ما نعيه كنسبة الروح إلى الجسم، أو كنسبة الكون المجهول إلى الكون المنظور.
أقرب مثال، أحبه، ويبسط لك عمل العقل الباطن وأنت تلعب التنس أو البنج بونج، أو الشطرنج، عندما تترك عقلك الباطن يمتص صورًا لكيفية اللعب بمهارة، فإن ردود أفعالك تكون تلقائية وذكية، فحارس المرمى مثلاً يرتمي نحو الكرة مباشرة دون تفكير بواسطة اللاوعي.
فالجسم من الذكاء، وسرعة الاتصال باللاوعي بدرجة تصل إلى أن يتصرف دون مرور الأمر على العقل الواعي، تمامًا كطرف العين أو أن تتقي بيدك لكمة بشكل لا إرادي.
حينما يتحالف الجسم مع العقل ويتناغم مع الكون، تصبح الحياة أكثر انسيابية، والتوكيدات والتصريحات الإيجابية والأوعية النابعة من العقل الباطن تتحقق، بينما التي تخرج فقط من العقل الواعي غالبًا لا تتحقق فقد خرجت بلا روح كالجنيه السقط.
والعقل الباطن يسعى إلى تحقيق ما به من صور؛ لذا فإن الصور التي نرسمها في أذهاننا تتحقق، إذا رُسمت برغبة وتوكيد وتخيل مستمر.
11- تقدير الآخرين:
وهو سر من أسرار الناجحين، ومن بلغوا درجة من السمو والبلوغ الإبداعي وحققوا ذواتهم، إنهم يعرفون كيف يقدروا الآخرين.
إن كل إنسان يطمح بشدة في الحصول على تقدير الذات، فإن كان بمقدورنا ان نقدم هذا التقدير للآخرين، فسوف نمتلك بحق مفتاح التأثير على الناس.
إن هذه العادة بالذات هي التي جعلتني أنجح في تكوين جيش من الموظفين المحبين، وحينما كنت أريد من موظفي الشركة أن يتحلوا بفضيلة كنت أنسبها لهم، وأركز على ذلك، فيتصف بالصدق من وصفته بالصدق.
إن النجاح يتطلب منك الفطنة، ومعرفة طبائع من حولك، ونتعامل بذكاء حينما تريد منهم أن يسلكوا مسلكًا ما.
12- الإقناع:
لكونهم مقنعين، فهم يتقبلون أفكارك، يحبون أن يقتنع الناس بآرائهم بحب، إنك لن تبتاع أي شيء من مندوب المبيعات إلا ممن أقنعك منهم، فالناس يحبون اتخاذ قراراتهم بأنفسهم دون تهديد أو إلحاح أو تدليس.
حينما أقنع موظفًا بمهمة فإنه يقوم بها بأكثر كفاءة من هذا الذي لم أنجح في إقناعه، وسمة عايشتها في المديرين الناجحين أنهم مهرة في إجراء المحادثات القصيرة، والجمل القوية المحفزة على الواتساب، أو الرسائل المسجلة القصيرة.
ورأيتُ أن الأشخاص الأقل نجاحًا يخشون دومًا الحديث المقنع، فقط يعطون الأوامر.
لقد أسعدني، حينما أخبرتني الموظفة (ريم) أنها تحتفظ برسائل صوتية قصيرة لي، كنت أرسلتها لجروب الفريق، وكانت رسائل تحفيزية ومنهم من يصنع صورة شخصية باسمة (لشخص) وإنما الهدف هو تذكر الابتسامة وهي تتحدث مع العميل.
13- التوجه العقلي الإيجابي (الإيجابية):
يكاد يكون الشيء الأبرز والملفت للنظر، الذي يتشارك فيه الناجحون، هو: التوجه العقلي الإيجابي، ومهما كثرت مبادئ النجاح فإن المادة الصمغية التي تربط بين هذه المبادئ؛ التوجه العقلي الإيجابي.
إن العقلية الإيجابية تجتذب الفرص، والعقلية السليمة تطردها، إن الناجحين طاقتهم إيجابية: الجسمانية والذهنية، والعاطفية والروحانية.
ومن دلائل التفكير الإيجابي، أن نفكر على نطاق واسع ثم العمل في هذا الاتجاه، ثم التفكير على نطاق أوسع، ثم العمل في هذا الاتجاه.
يفكرون في أنفسهم بشكل أفضل، وتزداد ثقتهم بأنفسهم يومًا بعد يوم، ويتحدثون كما لو كانوا أبطالاً ويزيلون أي عقبات تقف في طريق نجاحهم من خلال التفكير في توقعات إيجابية، والتفاؤل المستمر يثقون تمام الثقة في استحقاقهم النجاح.
وتذكر أن التفاؤل وقت المعاناة: شجاعة حقيقية.
14- الإتقان:
وهو بذل جهد إضافي، وهو الإحسان في العمل، وهو إحسان العمل وزيادة، وهو قطع ميل إضافي، وهي خصلة تراها في الناجحين يأتون مثلاً قبل الموعد بقليل، ويقدمون لعملائهم فوق الخدمة أو السلعة هدية.
لا يطلب من العالم أن نكون في تخصص ما، بل يطلب منا إتقان ما تخصصنا فيه”.
ما قيمة النحات الذي نحت تمثالاً بغير إتقان، لقد بارت المنحوتة، وضاع الجهد والوقت، وصارت المنحوتة أضحوكة. انظر كيف أن الإتقان يحييها وإنها معادلة: الإتقان المستمر للعمل، يُحسن الذات ويبني الفردية، والإتقان يحقق التركيز، والتركيز يؤدي إلى النجاح.
أتقن عملك على أجمل وأكمل وجه، وسيأتيك النجاح من كل مكان.
15- السرعة في اتخاذ القرار:
سُئل الإسكندر الأكبر، كيف غزا العالم، قال: “بعدم التردد في اتخاذ القرار”، العالم يستجيب بشكل لا واعي للشخص الحكيم ذي القرار الحاسم، والذي يفهم نفسه، ويعرف هدفه.
16- العطاء:
وهو تدوير المال في الكون، وهو الزكاة، والصدقة، ودفع العُشر للمجتمع، كي لا يكون المال دولة بين الأغنياء، وكي لا يكون المال آسن، وحتى لا تكون مادة الجاح راكدة أو كبركة آسنة، إن العطاء الفعال يبارك حياتنا، والعطاء يجعلنا متناغمين مع الكون.
عندما كنت أتبرع بـ10% من إيراداتي، كانت الـ90% الباقية تضاعف، فما تم التبرع به كان وقاية وطهارة وحماية ومباركة لما تبقى.
لذا لا تستغرب رجال أعمال أمثال: روكفلر، وكولجيت، وهاينز، وبيل جيتس، وورن بانت، لقد التزموا بهذه العادة وصرح بعضهم بنظام دفع العشر للمجتمع، وأكثر ما كانوا يدعمونه: الصحة والتعليم ومحاربة الجوع، وبعضهم يدفعها نقدًا، والثاني يدفعها في صورة مؤسسة إنسانية ينشئها، والثالث في صورة قسم أو قطاع ينشئه في شركته تحت عنوان: المسئولية الاجتماعية.
إن العطاء – ونظام العشر – هو اعتراف منك وامتنان بالمدر الذي منحك الثورة (الله سبحانه) [وهي عملية وقائية حيث تعيد جزء من أرباحك إلى المجتمع، طيبة بها نفسك، فيمتن لك المجتمع، تمامًا كما يعيد الفلاح نثر عشر بذوره في التربة من أجل خصوبتها].
إنك تستطيع أن تحصل على كل ما تريده، إذا ساعدت الناس أن يحصلوا عليه، هنالك تأتي السعادة إن خدمة الناس تجعلك فوقهم. وتجعلك أسعدهم إن تكوين ثروة كبيرة هو هدف جيد، وكونك تستغل هذه الثروة في أعمال الخير (وأنت على قيد الحياة) فتلك هي السعادة، فكل الثروات تبدٍأ وتنتهي عند الله.
17- الصحة:
يصبح النجاح أكثر فعالية حينما ينبع من إنسان خالٍ من الأمراض الجسمية والنفسية، بل يكون النجاح أكثر سهولة، حينما ينبع في جول خال من التوتر، حينما نمارس أعمالنا في شعور بالصحة البدنية والعاطفية والروحية يتحول النجاح إلى سعادة.
ولكي نحقق هذا المعنى:
أولاً: يجب أن تكون الصحة مقدمة على المال في كل الأحوال (الرياضة والطعام الصحي).
ثانيًا: العمل في بيئة بعيدة عن التوتر.
ثالثًا: أن يكون شريك الحياة داعمًا لك.
رابعًا: إعطاء مساحة كافية لغذاء الروح بالتأمل والاسترخاء والقراءة والتنسك.
خامسًا: الابتعاد عن الصراعات الصغيرة وسفاسف الأمور.
سادسًا: عليك التعامل في مسألة الحصول على الشراء والنجاح باعتبارها لعبة يمكنك الضحك منها، وإلا ستحطمك هذه اللعبة، وتكلفك صحتك وراحة بالك، الصحة أهم من المال، والنجاح السعيد يأتي بتلطف والتزام ببعض العادات.
سابعًا: إن الغاية من جمع المال هو تحقيق السعادة لك وللآخرين، فإن كانت تلك العملية على حساب صحتك فقد سلكت المسلك الخاطئ.
ثامنًا: إذا عشت بالقليل، فسوف تستمتع بالحياة أكثر وإن هذا المبدأ ليس له علاقة بكثرة الأملاك، فهذه الأملاك ليست في قلك إنما هي في يدك، وأهم من هذا أنها لا تسبب لك توترًا في رأسك، بحسبك أن تبيت في مكان آمن، مع إنسانة تحبها وتحبك، عندك قوت يومك.
18- الارتقاء بمن حولك:
والارتقاء بفريقك، والارتقاء بمجموعة المستشارين الذين هم عقلك المدبر. أحد أهم واجبات القائد، هو مساعدة من حوله، وخصوصًا من ساعدوه، بالارتقاء بمستواهم.
وتلحظ أن رجال الأعمال الناجحين، يثرون من حولهم، ويكونون سببًا في نجاحهم، كذلك يرفع من كفاءتهم بالتدريب والتثقيف.
فرجل الأعمال لديه واجب أخلاقي، أن يرتقي بفريقه، وأن يثري حياتهم بكل طريقة ممكنة، لا يعامل موظفيه باعتبارهم تروسًا، بل يتعامل معهم كجسد واحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسم.
19- الحـدس:
والحاسة السادسة، والتخاطر، والوحي، والإلهام كلها مسميات تعبر عن تواصل الحالف معنا والذكاء الكوني الأعظم.
والفرق بينه وبين الدعاء، أن الدعاء هو تواصلنا مع الله، بينما الحدس هو تواصل الله معنا، كما أوحى إلى أم موسى إن خافت عليه أن تلقيه في اليم، أو كما أوحي إلى النحل أن تتخذ من الجبال بيوتًا، أو كما أوحي الدابة أن ترحم صغيرها.
وهكذا فإن الحدس يبدأ من الإلهام البسيط حتى وحي الأنبياء، وهو أعلى درجات الحدس، فهو بالنسبة للناجحين، كالسحر، والمعجزات التي تكمن وراءها قوة الذكاء اللامحدود، حيث تستمد معلوماتها من الكون، فيها أنقى معلومة، وأصدق نية، والحدس نوع من الإدراك والوعي، المتسرب من العقل الباطن.
أنصت للصوت الدفين بداخلك، وادعمه بالتأمل، واستمع لحدسك، بعد نصف ساعة من الاسترخاء والتأمل العميقين، إن الخالق هو الذي يمنحك هذا الحدس الباطني، فاستفد منه.
إن العقل الواعي كالرسام الفنان الذي يرسم لوحة بينما العقل اللاواعي هو المخزن الواسع للوحات إبداعية لا نهائية، بحاجة منك أن تغوص في أعماق اللاواعي وتستكشف بحدسك كل يوم لوحة جميلة.
وأحيانًا ومن دون تفكير، وبسبب تقوية عضلة الحدس، تأتيك ومضة من فكرة عابرة، وهي عادة أفضل قيمة من بين ما تفكر فيه.
20- البحث العلمي:
والتفكير العلمي، والتفكير الدقيق الإبداعي.
فالناجحون يقضون معظم أوقاتهم في البحث عن الأشياء التي لم يلاحظها غيرهم، ويطلبون دراسات الجدوى من أجل خلق مجالات مربحة، أو تقديم خدمة أو سلعة ترفع من معاناة أو تحقق سعادة.
ومن الطبيعي أن يكون النجاح حليفك، طالما استخدمت أدوات البحث العلمي، فالطرق العلمية هي أقصر الطرق نحو الهدف، انظر إلى ناطحات السحاب والأجهزة، والاختراعات كلها قامت على “بحث علمي”، ومصدر هذا البحث هو التفكير الدقيق، والبحث العلمي يساعدنا في رسم الفكرة في خيالنا، فيعمل عليها العقل الباطن.
ويجب أن يتناغم ما نبحث عنه مع الكون، ويعمل لصالحه، وحينما ينجم بحثك عن فكرة جديدة، فقد صنعت لنفسك محيطًا أزرق، فالأفكار الإبداعية المتفردة لا منافس لها، ولا يستطيع أحد أن يحول بينك وبين النجاح.
21- شريك الحياة:
الزوجة المحبة والزوج المحب، أحد أهم عناصر نجاحهم، فشريك العمر المخلص، يقدم دعمًا نفسيًا لشريكه، ويقدم نصائح صادقة.
وكثيرًِا ما قدمت لي زوجتي هذا الدعم، وآمنت بي حين جحدني الآخرين.
22- الشكـر:
والامتنان، والعرفان بالجميل، والحمد.
حالة ذهنية وشعورية يعيشها الناجح، هو شاكر لله؛ لذا فإن الله يزيده، والعرفان بالجميل لله يمنعنا من السقوط، وكلما شكرت الله على نعمه زادك منها، بل إن من أسرار الناجحين إنهم يشكرون الله على شيء أو نعمة لا يتمتعون بها فتأتيهم.
كما كنت أشكر الله في السجن على نعمة الحرية، فجعلني حرًا على كل المستويات، لا تستخف أبدًا بالمكانة التي ستبلغ بها من خلال التعامل مع الحياة بامتنان.
اشكر الله مقدمًا، سوف تأتيك النعم، الشكر هو المغناطيس الذي يجذب إليك كل ما تشكر الله عليه، كما أن الشكر يحقق في نفوسنا الرضا، وهو المقياس بين الثراء والفقر، وإلا ما هو معنى الغنى أو الفقر عند بعض الناس، فبمقدار ما نفوسهم من رضا يكون الغنى، فالغنى حالة ذهنية قبل كل شيء.
مجرد الشعور المستمر بالامتنان لما لدينا من نعم هو المفتاح الرئيسي للرخاء والازدهار والنجاح السعيد، مجرد امتناك للطعام الذي تأكله يجعلك صحيًا وامتنانك للبيت يجعلك آمنًا، وامتنانك للزوجة يجعلك عفيفًا.
جزء من جلستي التأملية يكون لتأمل الامتناع، واستحضار الشكر الكلي على جزيئات النعم.
23- صناعة الفرص:
تلقى الفرص، وصناعتها، هو الحظ السعيد بحق، ولكي تتمكن من صناعة الفرص، لابد أن نوسع دائرة علاقتنا، وأن نتوقع الأفضل.
وبقدر ما نتصور من فرص فإنه من الممكن تحقيقها، إن الفر تأتي والحظوظ السعيدة، حينما يتناغم العقل الفردي مع العقل الكوني، فقط آمن، وتخيل، وابحث وتلق…
24- تنويع مصادر الدخل:
الشخص الناجح إما يعتمد على مصدر ركين للدخل كالعقارات، أو بيع الغذاء، أو يعتمد على أكثر من مصدر، تمامًا، كالمزارع الذي بدلاً من أن يجمع محصول حديقة واحدة، يجمع محصول أكثر من حديقة.
وفي هذا التنوع تقليل للمخاطرة، وللجمع بين هذه النقطة ومبدأ التركيز، فالجواب: أن التركيز يكون في مجال العمل والتخصص، أما التنوع يكون في الاستثمار.
فتخصص مثلاً في الفنادق، بينما استثماراتي متنوعة بين الأسهم والسندات والعقارات، فهذه الأصول المحترمة تحقق مورد مالي كالنهر، فثمة دخل من المهنة، وعدة مداخيل من الاستثمار ولكن التركيز الذهني منصب على التخصص.
25- المثابرة:
العمل المتواصل، والاستمرار نحو الهدف، فلا توجد أي طرق مختصرة نحو النجاح السعيد، فالسعي الدؤوب نحو الهدف النبيل سعادة في حد ذاته، ولا يفعل ذلك إلا شخصية قويمة، فالحق يثابر من أجله أهل الحق، والمثابر كالذي يطرق بابًا حتى يفتح له.
26- استثمر لا تضارب:
لم تستهويني فكرة المضاربة فهي قائمة على مخاطرة لا أفضل المضاربة في أي شيء.
أما الأسهم فأشتري الأسهم الدفاعية وأنساها كأسهم المطاحن، والأغذية إضافة إلى استثماري في شركة مصر للفنادق “هيلتون”، فلابد أن يكون استثماري بالأسهم في مجال تخصص له جانب مهم.
انتظار الكوبون السنوي أو توزيع الأرباح أفضل بكثير من النظر اليومي لشاشة البورصة، فلا يوجد استثمار مالي واحد في الحياة يستحق التوتر.
وإذا فكرت يومًا في الاستثمار في الأسهم، فنصيحتي ألا يتعدى هذا الاستثمار 10% من صافي أصولك وأن تضع هذا المبلغ في صناديق المؤشرات، أو الصناديق الدفاعية المعروفة، أو الأسهم البليدة (المطاحن والأغذية).
لا تتابع أسعار الأسهم، فقط فكر في موعد حصولك على إيراداتك السنوية من السهم، إن متابعة أسهم السوق، تكاد تكون عملية معينة بالبطيء.
ولا نتابع السهم، بل تابع الشركة، فاستثمارك إنما هو استثمار في شركة وليس سهمًا، واستشر في القيمة، فعليك شراء الشركات القيمة، بسعر أقل، وليس العكس.
المستثمر اليقظ هو من يركز على قيمة الشركة، ولا ينجرف وراء شائعات البورصة؛ لذا إصراره على أسهمه يجعله يتفوق على أشرس المضاربين؛ لذا ترى (إبراهيم الصعيدي) كمستثمر طويل الأجل متفوقًا على (عليّ عبد اللطيف) كمضارب، وهكذا أمثلة كثيرة.
27- الاقتصاد:
لا أعني به التقشف – وإن كان التقشف فضيلة – وإنما أقصد به الاستماع بما لديك، فالشخص المقتصد يشعر بقيمة كل شيء. كالسجين حينما يظفر بصحته، والصائم حين يفطر، فمن أسرف في شيء لا يشعر بذلته. كمن أفرط في الجنس المحرم لا يشعر بلذته مع زوجته؛ لذا كان الأمر الإلهي: كلوا واشربوا، ولا تسرفوا. إن المسرف مبغوض، لما يشعر به من بطر في قلبه بل أن الإسراف يجعل من الإنسان مضطربًا، قلقًا، عصابيًا، شيطانًا.
28- المبادرة:
إن أي نجاح حققته، إن كان بفعل مبادرة، وسلوك مبادر، إن كل مشروع جديد في هذا الكوكب، تراه شخصية مبادرة.
30- المؤسسية:
والنظامية، والكيان، والشركة، والمنظومة، بينما يتبلور نجاحك في شكل مؤسسة، فإن هذا النجاح سوف يقفز إلى مستويات لا تخطر على بالك. والثروة حينما تكون في شكل مؤسسة تكون “قوة”. وانظر مثلاً أيهما أقوى “رجل خير” أم “مؤسسة خيرية”؟
ثم إن هذا النجاح يتضاعف أكثر وأكثر حينما تعمل خارج هذه المؤسسة وليس بداخلها، فأنت تملكها وليس العكس، فعملك على مشروعك وليس بداخله يمكنك من تكرار اللعبة، وصناعة مشاريع أخرى أو فروع اخرى. وهكذا الناجحون عمومًا يعملون على حياتهم، وليس فيها!
31- العدالـة:
النجاح الحقيقي، لن، ولا يمكن تحقيقه على أساس أكل حقوق الآخرين، ولا يمكن أن نحقق أي ازدهار أو رخاء على كوكب الأرض على حساب الأرض نفسها.
فاللص الذي سرق مال الآخرين، واغتنى من اللصوصية، سيبقى لصًا وينتزع منه المال.
كذلك أي صناعة أو منتج يضر بالبيئة فإن النتيجة هي الفشل.
32- التدرج:
ابدأ ببذرة بسيطة، ابدأ بتواضع، اعتمد على التمويل الذاتين أولاً، وبدلاً من الحصول على مال كالدين، ابدأ بأقل القليل، وحافظ على التكاليف منخفضة، بدلاً من مكتب إداري عبارة مسطح 150م ابدأ بغرفة، استأجر قبل أن تشتري.
ابدأ جنديًا ثم قائدًا، ابدأ أجيرًا، ثم صاحب مهنة، ثم صاحب عمل، ثم مستثمر.
ابدأ بمرتب ثابت، ثم مرتب ثابت وعمولة، ثم عمولة فقط، ثم حصة في الأرباح، ثم شريكًا، ثم مالكًا.
قبل أن تدخر 50% من إيراداتك، فلابد أن تستمر طويلاً في ادخار 10% حتى تصير عادة.
شراء حصة صغية في شركة قبل شراء حصة أكبر، ثم شراء كامل الشركة، ثم الاندماج والاستحواذ.
33- الاستثمار في العقارات:
شراء العقارات متعة، وامتلاكها راحة بال، ودخلها السلبي حرية مالية، ولو رجعت بالتاريخ 7000 سنة، أو تخيلته، بعد 7000 سنة، ستجد احترام البشرية للعقارات كما هو.
وشراء عقار يمكن تأجيره، بحيث يكون الإيجار كافيًا لتلبية احتياجاتك طوال العام، فهذا ما يسميه علماء المال: بالحرية المالية ولا مقارنة بين الاستثمار في العقارات والاستثمار في الأسهم، بالنسبة لي، العقارات أضمن، وأرسخ وبعيدة عن تلاعب البورصة، ولا أتحمل استثمار أكثر من 10% من صافي أصولي بالأسهم، بينما أتحمل استثمار كل أموالي في العقاراتأو بنسبة لا تقل عن 5% من صافي أصولي.
فنحن، حينما نشتري المحلات التجارية مثلاً، لا نشتريها أسهمًا على الشاشة يتلاعب بها المتلاعبون، ويصنعون حولها الألعاب، ولا نشتري هذه الممتلكات لمجرد التملك، بل نشتريها لأننا نشتري تدفقًا نقديًا مستقبليًا.
المحل التجاري، والشقة السكنية، والأرض الزراعية، والأرض الصناعية، تمامًا كسبيكة ذهب، بل هي أبعد عن السرقة، وتفوق الذهب بتحقيق دخل سلبي، بينما يتفوق الذهب في المقدرة العجيبة على سهولة التسييل نقدًا.
ولا مقارنة بين العقارات والشهادات البنكية (وسائر السندات)، في رأيي، فإن كانت الشهادات تحقق دخلاً ثابتًا فهي لا تواكب التضخم وانخفاض قيمة العملة، بينما العائدات الإيجارية قادرة على ذلك.
34- تخلص من الركام:
يجب أن نخلص من الركام عمومًا، تطهير العقل من الخرافات والمخاوف، وتنظيف حياتنا من الفوضى والمشاعر السامة، إيجاد مساحة كافية نظيفة نملئها بالأشياء الإيجابية، ثم التخلص من أي ركام في البيت والسيارة ومكان العمل.
إذا رغبنا دخول الأشياء القيمة إلى حياتنا، فينبغي أن نفتح لها مساحة، والتخلص من الأشياء غير المفيدة والمتراكمة.
35- الادخـار:
الادخار المنظم من أجل تحقيق هدف يحقق معنى الحياة، يجعل من الادخار عملية ممارسة للسعادة. وأغلب المليونيرات حققوا الثراء بحرصهم على عادة ادخار 10% من كل إيراداتهم، والادخار يجعلك تعيش في مستوى جيد وبأقل من مواردك.
ويسميها جورج كلاسون “ادفع لنفسك أولاً”، وهذا المبلغ المدخر يتم به شراء أصل مدر للدخل – كمحل تجاري مثلاً – يحقق لك دخلاً سلبيًا يغطي احتياجاتك على مدار العام، وتلك هي الحرية المالية. هنالك يمكنك أن تعطي مساحة أكثر للعطاء، وإسعاد الآخرين، والتعايش أكثر مع الأسرة.
36- حماية الثروة:
يتطلب هذا الأمر بعض الأمور البسيطة إذا كنت تعيش في دولة متحضرة، كبوليصة تأمين، وخطة ادخار للتقاعد ويكفيك أن تحمي ثروتك بعدم مخالفة القانون.
أما إذا كانت تعيش في دولة من دول العالم الثالث فربما تحتاج الارتباط بزوجة أجنبية، وأن يكون لك شريك أجنبي، والحصول على جنسية أجنبية، وتجنب البنوك الحكومية قدر الإمكان، إضافة إلى التبرع بعمل عام لتأييد الدولة، ودفع الضرائب بانتظام، بالإضافة طبعًا لعدم مخالفة القانون، وتجنب الشراكة داخل هذه الدول قدر الإمكان، وأن يكون لك فرع إقليمي، دائم التردد عليه.
يجب عرض أوراق الموظفين لجهة الأمن داخل هذه الدولة، ويجب أن تكون واضحًا تمامًا بأنه ليس لك أي نشاط ديني أو سياسي، وأن العمل العام إنما هو لخدمة الدولة، وداعمًا لحكومتها أيًا كانت.
إن السطور السابقة القليلة في هذه النقطة خلاصة تجارب سنين.
بين الوفرة والندرة:
فلسفتي في هذه النقطة المهمة، أن الأرض مخلوقة بطريقة تسع من يعيشون عليها، وأن الكون وافر بالعطاء لا فقر فيه، ولا نقص، إذا ما وُجد الجوع وجد الطعم؛ فهو كون قائم بالحق، والأرض كلها للبشر مسخرة لهم، وما من دابة تدب فيها إلا على الله رزقها، يقدر لها رزقها، ويعلم مستقرها ومستودعها، لِمَ يخلق الخلق يم يتركهم جوعى يعانون، بل كل شيء موجود بوفرة.
والقول القائل، بأن الأشياء والموارد والسلع محدود، قول خاطئ، إن الندرة أكذوبة صدقها الأغنياء والفقراء على حد سواء.
والأعرابي الذي يعيش في الصحراء في خيمته، ولا يحتاج إلى نقود ورقية قد يكون أسعد من أغنى الأغنياء، وذاك بفضل عقيدة الوفرة، فالأول يشعر بوفرة في كل شيء، والثاني يكابد حياة يومية من أجل ضروريات الحياة، ويخشى الفقد والنقص.
وحينما سُجنت وتم التحفظ على أموالي، وأغلقت البنوك أبوابها في وجهي، توجهتُ بعقلي وروحي إلى مصدر الوفرة الأعظم، وأدركت أن الكون مليء بالوفرة، وأن هذا التحفظ الوقتي الجائر إنما هو قاصر على بقعة صغيرة جدًا، بينما الكون كله يفتح لي أبوابه مرحبًا.
إن هذا المصدر لا ينضرب أبدًا، وهو مستعد دومًا للعطاء، وهذه هي طبيعته، هل يضر البحر ما أخذه منه عصفور.
مثلهم كمثل من ظن أنه أخذ من الشمس شعاعًا.
وتلك حقيقة من استرق شيئًا من نفس مليئة بالوفرة، كل الثروات مهما عظمت فهي تبدأ وتنتهي عند الله، وإذا ما استخلفك الله في هذا المال، فهو وكيلك وحافظك، ويرده غليك أضعافًا مضاعفة، لذا لا يمكن أبدًا أن أفكر بشكل فيه نقص أو شعور بالندرة. فالله من وهب المال عن استحقاق، وهو مصدر الوفرة، والخزائن تحت يدي أنفق كيف أشاء، ولا ينقصها اختلاس مختلس.
وتبدأ الثروة ببذرة صغية، فتصير شجرة، فتراكم المال بالادخار، ومضاعفته بالاستثمار، وانتشاره بالتجارة، يجعلك تمتلك نظامًا ماليًا عظيمًا والتجارة عبر العصور – كانت ولازالت هي السبيل الأعظم للرخاء، لأنه يحقق مبدأ التدفق الكوني، وتنمي موارد الإنسان ومهاراته.
ولما أصبح العالم قرية صغيرة، ومسطحًا بسبب التكنولوجيا فإنه الآن صار بإمكاننا ممارسة التجارة في أي مكان بأرض، وطالما هذه الأسواق الحرة، موجودة في كل مكان، وبعيدة عن الأيديولوجيات، فسوف ينجح فيها كل رائد أعمال مجتهد.
هناك أسواق جديدة بانتظارنا، في مجالات عدة، نستطيع أن نبني منها ثروات، على سبيل المثال لا الحصر مجالات: الطاقة البديلة، والغذاء العضوي، الصناعة اليدوية، وسائر المجالات الصديقة للبيئة.
ليس ثمة مشكلة من الثراء والروح، أو الغنى والإيمان ولسنا بحاجة لعقد تصالح بين وجه الحياة الروحي، ووجهها الاقتصادي، بل أن الثروة وسيلة لغذاء الروح، إذا ما استخدمنا المال كوسيلة للعطاء، ومعرفة الذات.
النهم اللامحدود للمال ليس محمودًا طالما لا يغذي رسالة الحياة، وليس له توجه لتحقيق هدف إنساني عظيم، هنالك يكون كنز المال مذمومًا وأشبه ببركة الماء الآسن، الذي يجمع الحشرات صحيح أن الاقتصاد الحر يجعلنا نسعى وراء الربح، والمشروعات والمتوالية، لكن أن يكون للربح بوجه إنساني، وأن يكون للمشروع مسئولية يجعل من كسب المال سعادة.
إن روح الاقتصاد الحر، وصناعة الثروة، ليست في الجشع والاستهلاك، إن الاقتصاد الحر يعني نظامًا للاستخدام الأمثل لموارد الإنسان.
إن رواد الأعمال هم أبطال الوفرة وعليهم عاتق النمو الاقتصادي في كل مكان، فهم مصدر الأفكار الجديدة وليس الحكومات.
وإن دعم هؤلاء الرواد يصنع عالم سعيد.
إن أكثر – وأفضل – رءوس الأموال قيمة هي التي تستثمر في الإنسان.
أن تحترم أي معدلات للنمو الاقتصادي لدولة ما في ظل ارتفاع متزايد لمعدلات الفقر، والبطالة.
فإذا كان النمو الاقتصادي حقيقيًا، فلابد أن ينعكس على منسوب السعادة لدى الأمة، وتقل البطالة، وينخفض الفقر…
خلاف ذلك، دليل أنه نمو بلا روح، ودهن وليس لحمًا، عبر التاريخ كل الازدار الاقتصادي ينعكس على البسطاء.
الأسواق الحرة، إنما هي من صنع الله، أينما وُجد الإنسان الحُر وجد السوق الحر، وإذا تركنا الناس يرزق الله بعضهم من بعض، فإن هذه هي السبيل الوحيد لحماية حقوق الأفراد، ورفع جودة المنتجات والخدمات، وتحقيق رخاء وافر.
إنما تؤخذ الضرائب على الأراضي لا على البشر، أما الإغراق في الضرائب يععل الحياة جحيمًا، بينما فرض ضريبة معقولة على الأرض وما عليها من عقار لدعم المرافق ورفع جودة الحياة، هنالك يزداد الرخاء وتقل الطبقية.